حتى لا تغرق السفينة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله النبي صلي الله عليه وسلم والصلاة والسلام علي رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
مكة مــوطني ونجد مقــامــي
وعسيــر من البلاد مصيفي
ورسولــي بطبية ، ومنــــاخي
حائل، والحســاء ظلي وريفي
وبجـازان إخوتــي ، وسحــابي
نحـــو نجران ماطري ووكيفي
مبدأ:
ربنا واحد، ورسولنا واحد، وكتابنا واحد، وديننا واحد، وقبلتنا واحدة، ونحن مجتمع واحد، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:92) .
إن ما حدث في الرياض يوم الاثنين بتاريخ 11/3/1424هـ لهو أمر محرم شرعاً، خاطئ عقلاً، وهو عمل إرهابي إجرامي، يستهدف النيل من أمننا، وقد ساءنا وكدرنا، وأزعجنا، واستثار مكنون خواطرنا، وهو مهدد لأمننا، ولراحتنا، وإنني أنادي الجميع حكاماً ومحكومين أن يكونوا أمة واحدة ، قال سبحانه وتعالي: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )(آل عمران: الآية103) وقال
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )(الحجرات: الآية10).
أمة الوسط:
نحن الأمة الوسط : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(البقرة: الآية143)، علماؤنا ، فقهاؤنا، قضاتنا، دعاتنا، عقلاؤنا، أدباؤنا، طلابنا، رجالنا، نساؤنا، كلهم وسط، وهم جماعة الاعتدال، (( فعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ، ومن شذ شذ في النار))النبي صلي الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (( لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا ، وكونوا عباد الله إخواناً)) وقال سبحانه وتعالي: )وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63) .
حرمة دم المسلم:
إن دم المسلم وعرضه، وماله حرام علي المسلم، كحرمة الشهر المحرم، في البلد المحرم ، في اليوم المحرم ، يقول سبحانه وتعالي: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَق)(الاسراء: الآية33)، وقال صلي الله عليه وسلم : (( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة، والنفس بالنفس))، وقال صلي الله عليه وسلم : لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من قتل امرئ مسلم))، وقال صلي الله عليه وسلم : (( ولو اجتمع أهل السموات والأرض علي قتل امرئ مسلم لكبهم الله علي وجوههم في النار))، قال سبحانه وتعالي: )وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)، وقال صلي الله عليه وسلم : (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))، ونظر ابن عمر رضي الله عنه إلي الكعبة، فقال: ما أعظمك وأشد حرمتك عند الله ، والمؤمن أشد حرمة منك.
الأمن مطلب الجميع:
فإن الأمن ينشده الوالي، وينشده الراعي والرعية، والعلماء والعامة، والرجال والنساء، فإذا ذهب الأمن فلا أمان:
إذا الإيمان ضــاع فــلا أمان
ولا دنيا لمن لم يحيي دينا
والرسول عليه الصلاة والسلام عد الأمن من أعظم النعم، فقال: من اصبح في سربه، معافى في بدنه، عنده قوته وقوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها))، فالواجب علينا أن نسعي في استتباب الأمن ، وأن نأخذ علي يد مهدد أمننا، ولا نرضي بسلوك منهجهم، ولا إتباع طريقهم، ولا نقرهم علي خطئهم، ونبرأ إلي الله من فعلهم.
ألا نعتبر مما حصل في دول فقدت الأمن، وقدمت صوت البندقية علي صوت العقل، واستخدمت حوار الرصاص علي حوار المنطق، ألا ننظر ما حل في بعض البلدان؛ من سفك للدماء، وهتك للأعراض، واقتحام للبيوت، بقر بطون حوامل، قتل أطفال، تمزيق شيوخ، إغلاق مدارس، خراب مؤسسات، ذهاب اقتصاد، سلب ونهب، فرقة وخلاف، قلق واضطراب، فرع وخوف، بعد أن كانوا قبل ذلك مقبلين علي عودة صادقة إلي الله، كانت مساجدهم ممتلئة بالمصلين، وكان بينهم أخوة ووفاق ، ثم انحرف الحال، قتمزقوا أيدي سبأ، وصاروا شذر مذر، وأطلقوا السلاح علي بعض، وهددت طرقاتهم، ونسفت مساجدهم، وصاروا عظة للمتعظين، وعبرة للمعتبرين، فمزقوا كل ممزق، وذهب ذاك الهدوء والأمن، وتعطلت التنمية ، ودمرت المساكن، (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)، ألا نعتبر بما حصل بأفغانستان، يوم أ صاروا شيعاً وأحزاباً ، وصار فيهم ما يقارب عشرة أحزاب، كلها ترفع لافتة الإسلام، فتقاتلوا فيما بينهم، واستحل بعضهم دم بعض، فاصبحوا شيعاً وأحزاباً، ثم تسلط عليهم عدو من خارجهم، فاستباح أرضهم،وسفك دماءهم، ووطئ ترابهم، وغيرها من البلدان التي ذهب الأمن منها والأمان والإيمان، فصار الإنسان لا يأمن علي نفسه، ولا أهله، ولا أبنائه.
طاعة ولي الأمر في طاعة الله:
إن علينا واجب طاعة ولي الأمر في طاعة الله، نناصحه ولا ننافقه، ولا نحرج عليه، ما لم نر كفراً بواحاً، لأن الله سبحانه وتعالي يقول: ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: الآية59)، وقال عليه الصلاة والسلام: (( ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإن طاعتهم تحيط بمن وراءهم))، أو كما قال صلي الله عليه وسلم.
وبين يدي خطاب وجهه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن مؤسس هذه الدولة، إلي بعض رعيته عام 1335هـ ، يقول في أحوال مشابهة لأحوالنا : (( وقد بلغنا عن أناس يدعون انهم علي طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أموراً مخالفة لما هو عليه، وهي أنهم يتجاسرون علي الإفتاء بغير علم، ويطلقون التكفير والتضليل بغير علم، بل بالجهل ومخافة الدليل. ويتناولون النصوص علي غير تأويلها، ويسعون في تفريق كلمة المسلمين ، ويتكلمون في حق من لم يساعفهم علي ذلك من علماء المسلمين بما لا يليق. فمن اعظم ذلك الشرك الأكبر، نصب أوثان تعبد من دون الله وحكمهم بالقوانين، وغير ذلك مما يطول ذكره، وهذا أمر بين لا يخفي علي من له بصيرة، فمن كان ثابتاً عنده أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مجدد لهذا الدين الذي هو توحيد رب العالمين، ومتابعة سيد المرسلين فهذه كتبه مشهورة فليعتمد علي ذلك، ومن كان عنده شك فليسأل الله الهداية ، ويطلب بيان ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلمن ويسأل من يثق به من العلماء المحققين. إذا فهمتم ذلك، فاعلموا هداكم الله أننا إن شاء الله بحول الله وقوته أنصار لمن دعا إلي ما دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، قائمون بما قام به أجدادنا الذين نصروه، ومن خالف ذلك إما بتفريط أو إفراط، فلا يلومن إلا نفسه.
الحكمة سلاح العقلاء:
ألا يسعنا ما وسع علماء الأمة، ودعاتها، وقضاتها، وعقلاءها، ألا يسعنا ما وسع العالمين الفاضلين المعاصرين؛ سماحة الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمن وغيرهما من علمائنا الأجلاء؛ حيث دعوا إلي الله عز وجل في هذا المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة، وأخرجوا طلاباً وعلموا تلاميذ، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وأسسوا، ودرسوا، وألفوا، ومع ذلك نصحوا بالتي هي أحسن، فأقاموا المعوج،ونبهوا علي الخطأ، وأبرأوا ذممهم، وهم في التقوى والورع من هم في محلتهم وميزانهم، أن علي الجيل أن يسعه ما وسع هؤلاء الأئمة العلماء، وأن يتقي الله عز وجل ، فلن يأتي هو بعلم كعلمهم، ولا فضل كفضلهم.
لماذا نترك ما اجتمعت عليه الأمة ونأخذ بالشاذ؟ نترك الحجة والمحجة والطريق المستقيم، ونذهب إلي الطريق الملتوي، الذي يؤدي إلي الهلكة، لماذا نهجر الألفة وندعو للفرقة؟ لماذا نعرض عن اليقين إلي الظن؟ وعن الواضح إلي المشتبه؟ لماذا نعمل تحت الأرض في الظلام، ولا نبني فوق الأرض في رابعة النهار؟ لماذا نترك الواضحات من المسائل والمشتهرات، ونذهب غلي الشبهات؟ لماذا نهجر الحديث الصحيح الصريح إلي الحديث الضعيف الواهن؟ لماذا لا نثق بعلمائنا، ودعاتنا، وولاة أمرنا، وعقلائنا، ونذهب إلي آخرين لا نعرف علمهم، ولا نصحهم، ولا صدقهم؟
ليس في ديننا أسرار ولا ألغاز، مبادئنا تعلن من علي المنابر والمنائر، وفي المحافل والأعياد والمنتديات، ولذلك قال عمر بن عبد العزيز: إذا رأيت الناس يتناجون في دينهم ، فاعلم أنهم دسيسة، فإذا كان العلم سرا، في الأقبية ، وفي المخابئ، وتحت الأرض، وفي الجلسات السرية، اصبح هناك خطورة، وأصبح هناك ظن، واصبح هناك وهم، واصبح هناك ريبة، ولذلك أظهر صلي الله عليه وسلم دعوته علي الصفان وأظهرها في المحافل، وفي أسواق العرب، ودعا جهاراً نهاراً ، وقال له ربه: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107) وقال: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر:94) ، فلماذا نتستر بدعوتنا إذا كنا صادقين؟ ولماذا نتخفى إذا كنا واثقين؟ ولماذا نعمل خلايا سرية إذا كنا ربانيين عالميين؟ لماذا لا نعمل في الجامعات، والمساجد، والمدارس، والمحافل ، والنوادي، والمعاهد؟
أهداف الداعية:
نحن نريد باختصار أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، فليس للداعية، ولا لطالب العلم، أهداف من وراء دعوته، بل الهدف أن يصلح الناس، وأن يكونوا عباداً صالحين أتقياء أخياراً ، بررة، مهيئين لدخول الجنة، مهذبين في أخلاقهم، مؤدبين في سلوكهم، يؤدون حق الله، وحق الوالي ، وحق الجار، وحق الضيف، كما اقل صلي الله عليه وسلم: (( إن لربك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً ولضيفك عليك حقاً،فأعط كل ذي حق حقه))، فهاذ هو واجب الداعية، فليس له مقصد سياسي، ولا هدف دنيوي غير رفع لا إله إلا الله، وتعبيد الناس لرب العالمين.
عن علي الجيل أن يدعو إلي هداية الناس إلي الطري المستقيم، قال سبحانه: ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية52)وقال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب وهو يرسله إلي اليهود : (( فوالذي نفسي بيده لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)).لماذا لا نكون رحمة لا عذاباً ؟ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107) لماذا لا نكون برداً وسلاماً علي الناس بدل أن نكون مصدراً لشقاوتهم وتخويفهم، وزعزعة أمنهم، واضطراب أحوالهم؟، لماذا لا نكون فجراً جديداً علي العالم ، نبشره بالرسالة الربانية والنبي الخاتم، والدين الخالد، والرحمة المهداة، والنعمة المسداة؟
أين التيسير يا دعاة التعسير ، (( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين))، ويقول سبحانه وتعاليك )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(آل عمران: الآية159)، اين دعاة الحكمة يا دعاة الغلظة؟، (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(النحل: الآية125) (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طـه:44) ، وقال صلي الله عليه وسلم : (( ما كان الرفق في شئ إلا زانة، وما نزع من شئ إلا شانه))، وقال صلي الله عليه وسلم (( يا عائشة ، إن الله يعطي علي الرفق ما لا يعطي علي العنف))، أين البشرى برحمة الله والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: (( بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا)).
إن علينا أن لا نجعل الممارسات الخاطئة جهاداً ، ولا ننفرد بالراي الشاذن ولا نتبع الأهواء الشخصية،ولا نصدق الأفهام الفردية التي لا تنطلق من علم راسخ، ولا من فهم قويم ، وإنما تأتي سداد في النظرةن ولا من دراسية للمصلحة ، وإنما تأتي باندفاعات عاطفية، وبعقول طائشة، وبتخرصات ظنية، لا دليل ولا برهان، ولا نور ولا محجة:
ومن يثني الأصـاغر عن مـراد
إذا جلس الأكابر في الــزوايا
وإن تصدر الوضعاء يومــــاً
علي الشرفاء من إحدى الرزايا
إذا استوت السافل والأعـــالي
فقد طابت منادمة المنايــا
لماذا لا نعرض الإسلام عبر الدروس، والخطبة، والكتاب، والشريط، والقناة، وعبر الخلق القويم، والسيرة العطرة، والمواهب الجليلة، ونفع الناس، وتقديم المساعدات لهم، ومد يد العون لهم؟ لا عرضه عبر فوهات البناديق ، وأزير الرصاص، ورائحة البارود، فإن هذا هو التنفير من دين الله، وهذه هي الإساءة للإسلام ، وتشويه صورته، والصد عن سبيل الله ـ عز وجل ـ ، لقد دعا الرسول عليه الصلاة والسلام جاره اليهودي إلي الدين بأخلاقه عليه الصلاة والسلام، فلما أسلم اليهودي، ثم مات، قال عليه الصلاة والسلام: (( الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)). وكان لعبد الله بن المبارك الإمام العادل ، المجاهد الزاهد حار يهودي، فكان إذا اشتري لأهل بيته طعاماً بدأ باليهودي فأعطاه، وإذا لبس أطفاله بدأ باليهودي فلبسهم ، فأتي اليهودي إلي ابن المبارك، وقال : والله ، إن ديناً أخرجك لهو دني حق، اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ماذا نريد؟
نريد جيلاً ربانياً مؤمناً بالله ، يعبد الله في المسجد،والجامعة، والعيادة، والثكنة العسكرية، والمعمل، والمصنع، ولا نريد أن نربي في ب-ا ملحداً زنديقاً، يحارب الله، ويستهزي بالدين ، ويغمز الصالحين، ويصد عن منهج الله، ولا نريد بالمقابل أن نربي غالياً متنطعاً منفراً، مكفراً، يحمل السلاح في بلاد الإسلام، ويهدد أمن المؤمنين ، ويزعزع الثقة فيما بينهم، ويورث الفتنة، ويزرع الشر في المجتمع، قال سبحانه: )أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاة)(النساء: الآية77) وقال سبحانه: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا )(لأعراف: الآية56) .
نريد أن نعيد الجاليات الأجنبية مسلمين، ولا نعيدهم جنائز محمولين، ندلهم علي الله وكتابه ورسوله صلي الله عليه وسلم م ولا نكرههم في ديننا وقيمنا، بل نحبب لهم الطاعة، ونقدم لهم الرسالة في أحسن صورها، وفي أبهى حللها، رسالة ، إسلامية ، طيبة، نقية، سهلة، ميسرة، تخاطب العقل ، توافق المنطق، ولها دليل وبرهان، وليس بالتعسف، وركوب الصعب، ب واستخدام العنف، والغلظة في الخطاب، واستخدام القوة، وفرض السيطرة، وحمل البندقية: ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(يونس: من الآية99) (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية:22)، )لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين)(البقرة: الآية256) . إن الوافدين إلي ب-ا أما يكونوا مستأمنين، أو معاهدين، والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: (( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة))، وقد تقرر عند الفقهاء أن من دخل بلداً من بلاد المسلمين علي قدر من الأمان ، أو العهد، حرم دمه ولو كان عهد الأمان فيه مخالفة لبعض مسائل الشريعة، فتأمينه واجب علي المسلمين وهو عقد لازم بين ولي الأمر وهؤلاء المعاهدين والمستأمنين من غير المسلمين.
لسنا معصومين:
لسنا مجتمعنا ملائكياً ، لا حكاماً ولا محكومين، ولسنا معصومين، لا الراعي ولا الرعية، ولكننا مسلمون، عندنا أخطاء نعم، ولدينا تقصير أجل، ومعنا ذنوب بالطبع، ولكننا عند النعم نشكر، وعند المصائب نصبر، وعند الذنوب نستغفر، فنحن مسلمون، لا نريد غير الإسلام ديناً ، نقدم دماءنا، وأموالنا، وأرواحنا، فداء لديننا، وهو أعز مطالبنا، وغايتنا ، نصره، ونشره في الأرض، والتمكين له.
أبي الإسلام لا أب لــي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
دولتنا إسلامية، وشعبنا شعب مسلم، ولا خيار لنا إلا الإسلام ، وهو قدرنا، وقضيتنا الكبرى، ولن نحيد عنه إن شاء الله، وهذا الذي اجمعنا عليه في طول هذه البلاد وعرضها، ومن شرقها إلي غربها، ومن شمالها، إلي جنوبها، وما اجتمعنا إلا علي راية الإسلام، ولو أن المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله جمعنا علي غير الدين لما اجتمعنا ، فلم يجمعنا علي قومية، ولا عرقية، ولا حزبية، إنما أعلن أن دولته إسلامية، فاجتمعنا علي أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتآخينا ، وتصافينا، وتوافقنا، واتحدنا، فصار هذا الإنجاز ، وصار هذا الانتاج، وصارت هذه البركة ـ والحمد لله ـ في العلم والدعوة، والإصلاح وجمع الشمل، وإقامة مشاريع الخير في الأرض ، ونشر الفضيلة بين الناس.
حينما نفقد الأمن:
إذا ذهب أمننا تعطلت المدارس ، وأغلقت الجامعات، ودمرت المصانع، وكسدت السواق، وأقفلت المستشفيات، وصرنا خائفين لا نستطيع الخروج من بيوتنا، والصلاة في مصلياتنا، ولا ممارسة أعمالنا، ولا إقامة مشاريعنا، والليل مخيفاً، والظلام مرعباً، والفرقة حاصلة، والشتات وارداً.
لماذا لا نوحد الخطاب في الدروس والمحاضرات، والندوات، والتلفزيون، والإذاعة ، والصحف ، والمنبر؟ لماذا لا نجعل كلمتنا واحدة، خطاباً راشداً واعياً وسطاً، حطاباً سهلاً ليناً وقوراً؟ قال سبحانه وتعالي: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (( الكلمة الطيبة صدقة)).
لا للصوت النشاز!:
لماذا يخترقنا صوتات نشزان غاويان، صوت يسب الدين وأهله، ويحتقر المصحف والرسالة والصالحين: ( وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (البقرة:14،15)). ويقول سبحانه عن هؤلاء الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات: (ِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(التوبة: الآية79).
وصوت في الطرف الآخر، يغلو في الدين، ويلوي أعناق النصوص، ويفسر الشريعة علي هواه دون علم، ولا فقه، ولا ورع، قال سبحانه : ) لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ )(النساء: 171). وقال صلي الله عليه وسلم : (( إياكم والغلو)). فنحن أمة واحدة لا نقر ولا نقبل إلا أمة إسلامية واحدة، ومجتمعنا إسلامياً واحداً ، لا أحزاب، فلا ح-اشتراكياً النبي صلي الله عليه وسلم ولا قوميا، ولا علمانياً، ولا بعثياً، ولا وحدوياً تحررياً ، نحن جميعاً ننادي بملء أفواهنا حكاماً ومحكومين : (( رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلي الله عليه وسلم رسولاً)).
فإما حياة نظم الوحي سيرها
وإلا فموت لا يسر الأعاديا
رضينا بك اللهم رباً وخالقاً
وبالمصطفي شهماً وهاديا
الجماعة رحمة، والفرقة عذاب، الجماعة أمن وإيمان ، والفرقة عذاب وحرمان.
السفيه قد يغرق السفينة:
علينا أن نأخذ علي يد السفيه؛ لأن السفيه قد يغرق السفينة، وقد وصف صلي الله عليه وسلم المجتمع المسلم بالسفينة، (( فمثل من يسكت عن السفيه؛ كقوم علي السفينة، وقوم في أسفل السفينة، فكان أناس يأخذون الماء يريدون -السفينة لأخذ الماء، فيمرون عليهم قال: فإذا سكتوا عنهم غرقوا وغرقوا جميعاً ، وإذا نهوهم وأخذوا علي أيديهم نجوا جميعاً)) أو كما قال صلي الله عليه وسلم.
وجرم جــرة سفهاء قــوم
وحل بغير جانيه العذاب
والسفيه في مجتمعنا علي قسمين:
ـ سفيه يحارب الدين: فهو منخلع من الديانة، سيئ المعتقد ، خبيث النفس نذل الطباع، رذيل النهج، ينال القداسة، ويغمز الرسالة، ولا يحترم القبلة، ولا يعرف للدين قيمته وحرمته، همه أن يكون طابوراً خامساً، وسوسة تنخر في جسم الأمة، وغدة مليئة بالسم، ووباء قاتلاً في جسم هذا المجتمع الطاهر البريء ، فهو مريض القلب، سيئ الإرادة، منحرف الطباع، فهذا سفيه يؤخذ علي يديه.
ـ ويقابله سفيه يغلو في الدين: ركب من هواه الاعوجاج، واتخذ الغلو سفينة، فألغي آراء العلماء، وأخذ بالرأي المنفرد الشاذ، وجعل الشدة والعنف والقسوة سبيلا له، وهانت عليه الدماء، وقلب النصوص ظهراَ لبطن، وفهم من الدليل فهماً معوجاً، فقبل أن تغرق هذه السفينة علينا أن نتناصح، وأن يقوم الجمهور الوسط العاقل ، من الولاه والعلماء، والدعاة والعقلاء، والمصلحين، قياماً واحداً ، وصفا واحداً ، واجتماعاً موسعاً في مدارسة أمرهم، ومعرفة الخلل في صفوفهم، وإخراج السفيه من الطائفتين، قال عمر بن الخطاب في الطائفتين:
قصم ظهري رجلان: (( فاجر متهتك، وجاهل متنسك))، فالفاجر المتهتك لا هم له إلا النيل من هذا الدين الذي أكرمنا الله به، واجتمعنا عليه، ونادت به دولتنا وأسست عليه، فنصرها الله وأعلي قدرها، وشرفها بين بلاد العالم، لا لشيء إلا لأنها مهبط الوحي، ولأنها رفعت لا إله إلا الله، ولأنها احترمت القبلة، ولأنها قدمت الدعوة الإسلامية، فهذا الفاجر المتهتك لا يريد هذا، يريد مبدءاً آخر ، وشريعة أخري، وقيماً أرضية، فهو يتخذ من حماة الدين وحملته والمنتسبين إليه خصماً وعدواً لدوداً، ينالهم في كتاباته، ومجالسه، وتأليفه، فهذا هو الفاجر المتهتك الذي قصده عمر.
وجاهل متنسك: تدين ولكنه جاهل بالعلم، لم يحقق المسائل، ولم يطلب الدليل علي يد المشايخ، ولم يثن ركبه عند العلماء، ولم يغض في معرفة الحق، ولم يرسخ في فهم الدليل، بل ركب الصعب والذلول في تحقيق أغراضه ، فكلما فهم من الدليل شيئاً أصدره، فهو المكفر، والمبدع، والمفسق، والمضلل، وهو الناجي وحده ، والسالم من الخطأ، ومن خالفه زنديق أو كافر، أو مرتد، أو ضال، أو فاسق، فهذا هو الذي عناه عمر بقوله: (( جاهل متنسك))، يقول صلي الله عليه وسلم : (( من قال هلك الناس فهو أهلكهم)) رواه مسلم، والمعني: لإعجابه براية وانفراده بالشاذ من أحكامه، فحذار من هذا الفاجر المتهتك، ويصير خنجراً مسموماً في ظهر الأمة، وحذار أيضاً من الجاهل المتنسك، الذي يشد في الرأي ، ويلغي الدليل، ويخالف العلماء.
كيف كنا.. وكيف أصبحنا:
أما كنا قبل توحيدنا بهذه الدولة، متفرقين مختلفين لا يأمن المقيم ولا المسافر، قوافل الحجاج تنهب، بضائع التجار تسلب، القبائل يقتل بعضهم بعضاً، الدنيا فوضي، اللصوص عصابات، تح-وطائفية، نعرات جاهلية، اختصام وقتال، تفرق وجدال، فجمعنا الله ـ جل ذكره ـ علي يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله، فأقيم الشرع، وفتحت المدارس، وأسست الجامعات، وبنيت المستشفيات، وأمن الناس علي دمائهم وأموالهم، وأعراضهم، فلا نسبة ولا تناسب بين الخير الموجود المتحقق في مجتمعنا، والشر القليل والتقصير الوارد الذي لا يخلو منه بشر، فلماذا لا نكون عادلين في الحكم علي الدول، والهيئات، والأشخاص؟، قال سبحانه: ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)(النساء: 58) .
قولوا لي بربكم: لو انفرط زمام الوحدة في هذه البلاد ، وانحل عقد الأمن في هذا الشعب، علي شراسة قبائله وامتداد مساحته، واختلاف تضاريسه، كيف يكون الحال؟ يصبح الناس في خوف وقلق، ونهب وسلب، وفتك وسفك، واعتداء ، لكن الله دمع الشمل، وأكرم وأنعم: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (لأنفال:26) )فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (قريش:4،3) فغفر الله لذاك المؤسس ورحمه، فلم يكن بلشفيا احمر، يكفر ولا يشكر، ينادي بالبرجوازية، بل كان حنيفاً مسلماً ، وقائداً ملهماً، ولم يكن زعيماً يدعو للنازية، ويبشر بالليبرالية، بل كان إماماً عادلاً، وحاكماً فاضلاً، له في التاريخ جولة، ومع الدهر صوله، حتى أقام دولة.
لم يكن عبد العزيز حزبياً، ولا عنصرياً ، ولا أجنبياً، بل وحد رب العباد براية الوحدانية، ووحد البلاد بالرسالة الإيمانية.
إذا كان نهرو منقذاً فهو أهـــوج
وإن كان تيتو قائداً فهو مدبر
ولينين سفاك وهتلـــر طائش
وصوالات نابليون موت مقطر
وهذا حنيف مسلــم ثابت الخطا
صلاة تؤذي أو كتاب يفســر
وفد مار-بمشروع الإلحاد ، تحت مسمي الشيوعية والاتحاد، فقتل الرجال، وابتز الأموال، وفعل الأهوال، وأطل هتلر بتفضيل الألمان، علي بني الإنسان، حتى أحرق من خالفه في الأفران، وانتهي أمره إلي الهوان، وباء بالخسران، وأشرق عبد العزيز بمشروع الوحدة، تحت شعار الله وحده: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَار)(التوبة: الآية109)، وولدت معه مملكة قوية، ودولة فتية، دستورها من السماء، وتعاليمها من غار حراء، ووثيقتها شريعة سمحاء.
أقول لمن يحسد هذا البلد، ويناله ويتعرض له، ويغمز من أهله، ويحط من قدره: اتقوا الله واعدلوا، أليس دار العروبة، ومهبط الوحي، ومهد الرسالة، وقبلة المسلمين، نحن التاج، والمنهاج، عندنا البداية والنهاية، أرض الطهر والقداسة:
ولي وطـــن آليت ألا أبيعــه
وألا أري غيري له الدهر مالكا
وحبب أوطان الرجـــال إليهموا
معاهد قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهـــم
عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
بلدنا أرض التوحيد، والمجد التليد، والنهج الرشيد، وهي أرض الإنسان، والبيان، والإيمان، والقرآن؛ لأنها دار الإنسان السوس، والمؤمن الرضي، التابع للمنهج المحمدي؛ ولأنها أرض البيان الخلاب، ولأنها بلاد الإيمان، فمنها أرسل الإيمان إلي العالم أنواره، وبعث إلي الدنيا قصصه وأخباره؛ ولأنها مهبط القرآن، بها نزل جبريل ، علي المعلم الجليل، بآيات التنزيل.
ونقول لمن حسدنا، أو شمت بنا، أو فرح بمصابنا كما قال الأول:
قل للذي بصروف الدهر عيرنا
هل عائد الدهر إلا من له خطر
أما تري البحر تعلو فوقه جيف
وتستقر بأقصى قعره درر
وفي السماء نجوم لا عداد لها
وليس يكسف إلا الشمس والقمر
عندنا قداسة الإنسان، وقداسة البيان ، وقداسة الزمان، وقداسة المكان، فقداسة الإنسان: ماثلة في الرسول العظيم، والنبي الكريم ، وقداسة البيان: قائمة في القرآن ، الذي أعجز الإنس والجان ، وقداسة الزمان: كامنة في عشر ذي الحجة ورمضان، وقداسة المكان: في الحرمين الطاهرين والمسجدين الزاهدين ، ليس للزمان بدوننا طعم، وليس للتاريخ بسوانا رسم، وليس للناس إذا غفلنا اسم، نحن شهداء علي الناس ، ونحن مضرب المثل في الجود والبأس . كأن النور ولد معنا، وكأن البشر لفظ ونحن معني، جماجمنا بالعزة مدججة ، وخيولنا بالعزائم مسرجة، نحن الأمة الوسط، لا غلط في منهجنا ولا شطط ، وسط في المكان: فنحن قلب الكره الأرضية ، وزعماء الأخلاق المرضية، ووسط في الزمان: فلم نأت في طفولة الإنسانية ولم نتأخر إلي شيخوخة البشرية، ووسط العقيدة: فنحن أهل التوحيد والمذاهب السديدة ، فلم نعتنق الرهبانية، ولم ننتهج نهج المزدكية، ولا مذهب الزرادشتية، ولا نحلة المانوية، بل أمتنا معصومة من الضلالة، مصونة من الجهالة.
عشنا أعزاء ملء الأرض ، ما لمست
جباهنا تربها إلا مصلينا
لا ينزل النصر إلا فـــوق رايتنا
ولا تمس الظبا إلا نواصينا
يوم من الدهر لم تصنع أشعته
شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفــــاً
أن نبتدئ بالأذى من ليس يؤذينا
بيض صنائعنا، سود وقائعنـــا
خضر مرابعنا ، حمر مواضينا
أليس في بلدنا الركن والمقام، والبلد الحرام ، وعندنا عرفات ومني، حيث الجمرات، وزمزم والحطيم، والمشعر العظيم، وفي أرضنا غار حراء، مشرق الشريعة الغراء ، ونزل في أرضنا جبريل، علي المعلم الجليل، وحمى الله بيته من الفيل ، بطير أبابيل.
من كتب التأريخ وأهمل الجزيرة، فخطيئته كبيرة، وقد أتي بجريرة، كيف يهمل الرسول والأصول ، وأهل المنقول والمعقول؟! كيف يأخذ البدن بلا روح ، ويجرد البستان من الدوح؟! كيف يبني القصر علي غير أساس، ويقيم الجسم بلا رأس؟! تريد المسجد بلا محراب، والمدرسة بلا كتاب ، نحن الفصول والأبواب ، ونحن السيف والنصاب، لسجل المكرمات كتاب، ولأرقام المجد حساب، وعلي قصر الرسالة حجاب .
نحن قلوب المعمورة ، وأصحاب المناقب المأثورة ، العالم يتجه إلي قبلتنا كل يوم خمس مرات، والدنيا تنصب لندائنا بالصلوات، والكون يستمع لتلاوتنا بالآيات ، زارنا بلال بن رباح، فصار مؤذن دولة الفلاح، وجاءنا سلمان من أرض فارس، فلما أسلم صار كأنه علي قرن الشمس جالس، وفد إلينا صهيب من أرض الروم ،فأصبح من سادات القوم، من ب-ا تشرق شمس المعارف، ويقام للعلم متاحف، وتنشر للهدى مصاحف ، حتى ماؤنا يفوق كل ماء ، فماء زمزم شفاء، ومن كل داء دواء، ونحن بيت العرب العرياء ، وعندنا سادات الكرماء، ولدينا أساطين النجباء، وأساتذة الحكماء، إن ذكرت العلياء فنحن وقدوها، وإن ذكرت الملة فنحن أسودها وإذا سمعت بالرسالة فنحن جنودها.
فغربنا أرض النبوة المحمدية، والسنة الأحمدية أرض قدمت للعالم أشرف هدية، وشرفنا أرض الخيرات، وبلد المسرات، ودار الهبات، والأعطيات، ووسطنا دار الملك والإمارة، وبيت الجدارة، ومحل الوزارة ، والسفارة، وشمالنا أرض الجود، والند والعود، والأسود، وحفظ العهود، وإكرام الوفود، وجنوبنا أرض الهمم الوثابة، والطبيعة الخلابة، والأخلاق الجذابة، والفهم والنجاية، والشعر والخطابة.
أنجينا العلماء، وأنتجنا الحكماء، وأرسلنا للعالم الزعماء، وأهدينا الدنيا الحلماء.
وأقول لمرتزقة الأفكار الذين ينالون بكتاباتهم ولاة الأمر ، والعلماء، والدعاة، والصالحين ومؤسسات الدين من هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومكاتب الدعوة والمؤسسات الخيرية، والإغاثية: ويحكم اسكتوا ، ويلكم اصمتوا، هذه ليست بلاد ماركس، ولا لينين، ولا استالين، هذه بلاد محمد صلي الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر، وعثمان، وعلي، ومحمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن سعود.
ونقول للغلاة، أهل الغلظة والجفاء، متتبعي الأخطاء، المستهزئين بالعلماء، الخارجين علي الإجماع: عودوا إلي الجادة ، راجعوا أنفسكم، حكموا الشرع في تصرفاتكم ، اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
إن الدين ليس مصدر شقاء لكنه منبع سعادة، وليس دعوة إرهاب لكنه رسالة رحمة، وليس جانب خوف ولكنه ميثاق أمان، إن الدين يخرج بنجباء عقلاء، وليس مسؤولاً عن الحمقى الأغبياء، وينتج عباقرة عقلاء ، أبراراً ، ولا يصنع أقزاماً أشراراً ، الدين يخاطب العقل السوي، والفطرة الراشدة، والضمير الحي، والروح المهذبة، ولكنه لا يتحمل تبعة النفس اللئيمة، والخلق الدنيء ، والطباع الدنسة، والأفكار الموبوءة: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) .
يا أيها المربون:
إن علينا واجب التربية لأبنائنا بحيث نرعاهم الرعاية الحقة؛ لقوله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)(التحريم: الآية6)وقوله صلي الله عليه وسلم: (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))، فالتربية والتعليم أصلان عظيمان في تنشئة الجيل، قال تعالي: ) وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ)(آل عمران: الآية79) وإنما يخشى علي أبنائنا من مسلكين خطرين: مسلك الانحراف والفجور والإعراض عن طاعة الله وتعطيل أوامره وارتكاب نواهيه، ومسلك الغلو والخروج علي جماعة المسلمين، ونبذ إجماعهم ، وشق صفهم، وتفريق كلمتهم، وإنما أرادنا سبحانه أن نكون إخوة متحابين صالحين، قال سبحانه: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا)(لأعراف: الآية56) وقال سبحانه: )وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105)
متفقون لا مختلفون:
نحن اليوم أكثر من أي وقت مضى توحيداً ووحدة واتحاداً، متفقون لا مختلفون ، متحابون لا متباغضون، مؤتلفون لا متفرقون، الله ربنا، محمد رسولنا، الإسلام ديننا ، الكعبة قبلتنا، الشريعة دستورنا، ولي أمرنا منا، نسدده وندعو له وننصحه ونطيعه، في طاعة الله، ولا نخرج عليه، نجمع ولا نفرق، نوحد ولا نشتت، نبشر ولا نفرق، نيسر ولا نعسر، نتوسط ولا نتطرف، نعتدل ولا نغلو، )يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ )(النساء: الآية171) ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)(الحج: الآية78).
والله ما أبطنا غير ما أظهرنا ، ولا أسررنا غير ما أعلنا ولا أخفينا غير ما أبدينا، لأننا لسنا في ب-ا بحاجة إلي العمل السري ، ولباس الأقنعة والاختفاء في الظل، والتستر في الظلام، الذي نقوله في المجلس نعلنه في المسجد، والتستر في الظلام، والذي ندعو له في المحاضرة نذيعه في التلفاز، وهو منهج الإسلام، ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً) (الأحزاب:45/46) .
منهج خطا.. ومسلك خطير:
ماذا كسب الذين حملوا السلاح في مجتمعاتهم بغير حق ولا جهاد مشروع؟ لقد حكموا علي أنفسهم بالإعدام، وعلي دعوتهم بالموت، وعلي رسالتهم بالانتحار ، هل اهتدي علي أيديهم ضال؟ هل تاب بدعوتهم عاص؟ هل رجع بدروسهم مبتدع؟ هل أسلم علي مؤلفاتهم أحدا؟ لا ، بل خاف منهم القريب قبل البعيد، وشك فيهم الصديق قبل العدو، وحذر منهم العالم، ولم يستفد منهم الجاهل، ونبذهم المجتمع، ووقفت ضدهم الأمة، )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة:204/205).
بدل أن يتألف غير المسلمين بحسن الضيافة، والدعوة بالتي هي أحسن للدخول في هذا الدين، يبيتون بالقنابل ، ويمسون بالرصاص، ويقدم لهم الموت علي أطباق العنف والجهل، أين نحن من وقل الله تعالي: ) وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا )(البقرة: الآية83) وقال تعالي: (ِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )(النحل: الآية125)، وإنني من هذا المقام أدعو المسؤول ، والعالم، والداعية، لفتح باب الحوار، والسماع من المخالف برحابة صدر، وسعة بال، حتى نعذر إلي الله ، ولا يبقي لمخالف حجة، فنحن أهل الدليل والبرهان والمنطق السليم، وأقول لمن حمل السلاح علينا، وعلي مجتمعنا: ويلك من الله، أما سمعت قول الرسول صلي الله عليه وسلم : (( من حمل علينا السلاح فليس منا)). وقوله صلي الله عليه وسلم: (( من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جمعكم، فأضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان)).
إن أخطر ما يكون انشقاق المجتمع السعودي، وهذا الانشقاق يساهم فيه فئتان:
الفئة الأولي: أهل التفجير والتكفير الذين يعبثون بالأمن.
الفئة الثانية: المستغربون الذين يدينون مؤسسات المجتمع، ومدارسه، ومناهجة، ورجالاته فيجب إيقاف هؤلاء وهؤلاء؛ حفاظاً علي وحدة المجتمع وانسجامه، وإن مجتمعنا لا يصلح إلا بالدعوة الإسلامية الراشدة القائمة علي الوسطية التي كان عليها رسولنا صلي الله علينا وسلم، والحل هو: تدعيم وتقرير المناهج الوسطية المعتدلة، والطرح الإعلامي الوسط ، وإيقاف جميع صور الاستفزاز للجميع سواء من الغلاة المارقين، أو المنحرفين المغرضين، فدين الله وسط بين الفئتين، قال شيخ الإسلام في (( الوصية الكبرى)).: (( دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، والله ما أمر عباده بأمر إلا أعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر، إما إفراط أو تفريط، وإذا كان الإسلام الذي هو دين الله لا يقبل من أحد سواه قد اعترض الشيطان كثيراً ممن ينتسب إليه حتى أخرجه عن كثير من شرائعه، بل أخرج طوائف من أعبد هذه الأمة وأروعها عنه)).
هل نحن في حاجة لاستفزاز أمم أقوي منا سلاحاً، وعدة وعتاداً؟ لماذا يتحرش بعضنا بقوي عالمية تفتعل الذرائع والأسباب للاستيلاء علي خيرات الشعوب، ومقدرات الأمم؟ هل من العقل والحكمة أن تأتي وأنت ضعيف أعزل إلي قوي جبار يحمل بيده رشاشاً ، وتطلب منه المنازلة، إن الفرق المبعثرة لا تصنع نصراً ، ولا تحقق هدفاً، وإن العصابات بلا قيادة لا تقطف ثمرة، ولا تنال نجاحاً ، وإن العمل في السراديب لا يبني أمة، ولا يقيم حضارة:
فقل للعيون الرمد للشمـــس أعين
تراها بحق في مغيب ومطلع
وسامح عيوناً أطفأ الله نـورهــا
بأهوائها لا تستفيق ولا تعي
لا للفتنة:
مما ندين الله به تحريم سفك الدماء المحرمة تحت أي تأويل، فنؤكد علي كافة المسلمين من أهل هذا البلد، أو من دخله أنه يحرم نشر الفتنة، وسفك الدم بالتأويل ، وليعلم أن من الجناية علي المسلمين جرهم إلي مواجهات ليسوا مؤهلين لتحملها، وتوسيع رقعة الحرب بحيث تصبح بلاد المسلمين الآمنة ميداناً لها، ولذا فلابد من تدبر عواقب الأمور ونتائج الأعمال وآثارها، والموزانة بين المصالح والمفاسد، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها علي تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك فقد يدع واجبات ويفعل محرمات، ويري ذلك من الورع)). ( مجموع الفتاوى 20/54،10/514)، وذكر العز بن عبد السلام في (( قواعد الأحكام)) (
: (( إن مصالح الدنيا ومفاسدها تعرف بالضرورة والتجربة والعادة والظن المعتبر، وإن من أراد أن يعرف المصلحة والمفسدة فليعرض ذلك علي عقله ثم يبني عليه الحكم ، ولا يخرج عن ذلك إلا ما كان من باب التعبد المحض)).
وليعلم أن تحقيق الأمن أخص مقاصد المرسلين، وفي قول الله عن الخليل: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) (ابراهيم:35) ، دليل ظاهر علي أن المجتمع المستقر الآمن هو الميدان الفاضل لانتشار دعوة التوحيد ورسوخها.
والله لقد كنا قبل هذا الاجتماع علي دولة التوحيد في نزاع وانقطاع، وقتال وجدال، وشقاق وعدم اتفاق، وسلب ونهب، وسفك وفتك، ودمار وشنار، ثم اجتمعنا علي ائتلاف فريد، علي وحدة وتوحيد ، منائر ومنابر، جوامع وجامعات، محافل ومؤسسات ، معامل وجمعيات، أخوة ووفاق ، محبة وعناق:
فالذئب والشاة في الدنيا قد اصطلحا
لا الذئب يعدو، ولا شاة الحمى تجف
كأنما نحن في عيد تعانقنــــا
أرواحنا أو كأن الخلد يزدلـــف
وصايا العقلاء:
هذه عشر توصيات لمواجهة الأزمة:
1- قيام العلماء والدعاة بدورهم في توعية الشباب ورعايتهم.
2- تحمل وسائل الإعلام مسئوليتها في الخطاب الراشد الواعي.
3- رعاية الآباء لأبنائهم بالتربية، وكذلك الأساتذة.
4- فتح باب الحوار علي مصراعيه من قبل المسؤول والعالم.
5- ترك استفزاز الناس في دينهم، وحماية المؤسسات الدينية.
6- تقوية المنهج الوسط ، وإفساح المجال له، ودعمه، وتأييده.
7- تأليف الرسائل والنشرات، والأشرطة التي تحذر من الإفراط والتفريط.
8- أخذ العبرة مما وقع في بعض البلدان التي عصف بها الغلو والانحراف.
9- إدراك مسؤولية المحافظة علي لحمة الوطن، وحفظ أمنه.
10- تصور الحال لو انفلت حبل الأمن ، وأصبح الأمر فوضى.
إلا السعودية:
دنت الساعة وانشق القمـــر
وفؤادي من هموم مستعر
ما لقلبي كلمـــا سكنتــــه
كاد من حر لظاه ينفجر
قلت يا قلب أمــــــا ترفق بي
مرة تغلي ويوماً تستقر؟
قال شوقي عارم أكتمــــــه
ضج بالتبربج من ذاك الضجر
قلت من يطفئــــه يا خــافقي
روض زهر أم نخيل أم نهر؟
قال كــلا فالبســــاتين التي
طرزت بالحسن شيء قد عبر
قلت فارحل في البراري منـــشداً
أو فسافر آه ما أحلي السفر!
قال في أي بـــــــلاد دلني؟
قلت روما أو أثينا أو كنر
أو ضفاف الران أو أرض المهــا
أرض شيراز ومغني يزدجر
أو ربي سنجار أو أرض مـــخا
أو مغاني إرم ذات الصور
قال كــلا كلها لا تشتهـى
السعودية قصدي والوطر
مهبط الوحي وآيات الهــدي
والرسول المصطفي خير البشر
والصحاري العفر والجو البهي
وفيافي الصيد والشاطي الأغر
وجزامى مسكــــها ينعشني
ورمال مثل حبات الدرر
ونخيل باسفات وسنــــا
لونه الفضي من وجه القمر
وزلال الماء من نبع الصفا
لؤلؤ فوق المرايا منتثر
وهضاب بالرياحين زهت
يقطر الآسي علي خد الحجر
وطيور راقصات في الربى
هذه تنشد أم تتلو السور؟!
وشباب صـالـح متقــد
جده سعد وزيد وعمر
ونساء قانتات للهــــدي
اسلمي يا دارنا من كل شر
ابتهال:
يا رب فرج همنا، أمن خائفنا، أصلح حالنا، اشرح بالنا ، قو حبالنا، اهد ضالنا، اجمع كلمتنا، وحد فرقتنا، وفق أمتنا، أصلح ولاتنا، أيد علماءنا، احفظ أبناءنا، ارفع أعلامنا، ثبت أقدامنا، سدد سهامنا، أرشد جاهلنا، اشف مبتلانا، ارحم أمواتنا، قو عزائمنا، لم شعثنا، اجمع شملنا، احمنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، جنبنا المحن، أمنا في الوطن، شافنا في البدن.
اللهم اغفر الخطيئة ، واجبر الكسر، وأقل العثرة، واعف عن الزلة، وتجاوز عن الخطأ ، واحلم علي المذنب، وارحم الميت، وأصلح الحي.
اللهم آمن روعتنا، واستر عوراتنا ، ونسألك عيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، ومصاحبة الأولياء.
اللهم أحفظ الدار، ونجنا من النار، وجنبنا الدمار، يا عزيز يا غفار، يمن كتابنا، يسر حسابنا، أجزل ثوابنا، سدد جوابنا، ارحم الدموع ، اقبل الركوع، تقبل الخشوع ، ارحم الركع، احفظ الرضع، اعط الرتع، وفق المقيم والمودع، لا نخاف وأنت ربنا، لا نحزن وأنت ولينا، لا نهزم وأنت ناصرنا، لا نذل وأنت معنا، لا نبأس وأنت ملجؤنا، لا نقلق وأنت ملاذنا، لا نهتم وأنت عضدنا، لا نفتقر وأنت رازقنا ، لا خيب وأنت مقصدنا، لا نعث وأنت عزنا، لا نهضم وأنت معنا، عليك توكلنا، إليك أنبنا، منك سألنا ، بك استعنا، لديك أنحنا، عندك وقفنا، لك أسلمنا، بك آمنا، فيك خاصمنا، إليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا، وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، عندك القوة إذا ضعفاء، عندك العز إذا ذللنا، عندك الغني إذا عندك الشفاء إذا مرضنا، عندك الهدي إذا ضللنا ، عندك السرور إذا حزنا، لك العظمة والكبرياء ، لك المجد والعلياء، عز جاهك ، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت ، وصلي الله وسلم علي نبيه ومصطفاه وآله وصحبه ومن والاه.